التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل يمكن المزج بين الاشتراكية والرأسمالية لخلق مجتمعات أفضل؟

لم تنجح الاشتراكية في الصين خلال عهد "ماو تسي تونغ" وفي الهند قبل عام 1991 في تعزيز النمو الاقتصادي بل تسببت في إعاقته، وحتى الاشتراكية الثورية كما في فنزويلا لم تثبت جدارة.

ورغم ذلك لم يتم التخلص من الاشتراكية، فحتى مع الجمع بين حرية الأسواق والتقدم التكنولوجي لزيادة الدخل العالمي، تبقى أهمية التوجه الثالث مرتفعة لضمان تقاسم هذه الثروة على نطاق واسع، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".

المساواة وانحسار الفقر
 
- كانت أبرز مظاهر المساواة على الإطلاق هي إنهاء الاستعمار، ما سمح للبلدان بالحفاظ على ثرواتها بدلًا من إرسالها إلى الخارج، إلى جانب حرية حكومات هذه الدول في تنفيذ سياسات صناعية أفضل وإعادة توزيع الدخل.
 
- على سبيل المثال، لو ظلت الهند تحت الاحتلال البريطاني كانت فرص تعرضها للكوارث مثل مجاعة البنغال عام 1943 ستظل قائمة، ولولا انحسار التهديدات الغربية لما نجحت إدارة "ماو" في تمهيد المناخ الصيني لإصلاحات أعمق.
 
- يبين الرسم البياني التالي العدد الإجمالي لمن يعيشون في فقر مدقع حول العالم، ويوضح كيف توقف نموه وتحول إلى الانخفاض منذ انتهاء الاستعمار.


 
- تراجع الفقر في جميع أنحاء العالم وليس في الصين والهند فقط، وخلال العقدين الماضيين بدأ تفاوت الدخل العالمي في الانخفاض أيضًا، وتمكنت البلدان الفقيرة أخيرًا من الحفاظ على نمو أسرع من الدول الأغنى.
 
- يعتقد بعض المتشائمين أن هذا الإنجاز العالمي شابه زيادة في عدم المساواة بكثير من البلدان، لكن إعادة توزيع الحكومات للثروات لعب دورًا هامًا في حماية أكثر الطبقات فقرًا في المجتمعات من سلبيات مركزية الثروة.

البلدان المتقدمة أكثر إنجازًا
 
- ظلت نسبة الأطفال ممن يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة ثابتة تقريبًا منذ عام 1970، لكن بعد إدراج مساعدات حكومية بدأت هذه النسبة في الانخفاض بشكل مطرد منذ أوائل التسعينيات.
 
- كما تمكنت برامج الحكومة في ظل إدارة "جورج بوش" من الحد من التشرد في الولايات المتحدة بنحو 30%، فيما وسع "باراك أوباما" هذه البرامج وأضاف أخرى، وواصل معدل التشرد انخفاضه خلال السنوات الأخيرة.
 
- أظهر بحثًا لبروفيسور الاقتصاد بجامعة "كاليفورنيا-ديفيس" "بيتر ليندرت"، أن الحكومات في البلدان الغنية أعادت توزيع ثرواتها بشكل أفضل وأشمل.


 
- قبل الحرب العالمية الأولى، كان إعادة توزيع الثروات توجهًا ضعيفًا، لكن منذ ذلك الحين ظهر اتجاهًا عالميًا يدعو إلى نظام مالي أكثر تحررية، وتهتم حكومات العالم المتقدم حاليًا بتحريك الدخل من الأغنياء إلى الفقراء.
 
- تستخدم البلدان الغنية حكومتها لإعادة توزيع كميات هائلة من الدخل القومي الإجمالي، في صورة خدمات رعاية صحية ومعاشات تقاعدية ومساعدات للفقراء، وهي إجراءات قللت فجوة عدم المساواة في الدخل.

العالم بحاجة لتوازن بين التوجهات
 
- وجد "ليندرت" أن عمليات إعادة التوزيع في الولايات المتحدة توسعت بشكل تدريجي، ورغم انعكاس هذا الاتجاه خلال السنوات الأولى من حكم "رونالد ريغان" و"جورج دبليو بوش" مع خفض الضرائب إلا أنه عاود الارتفاع دائمًا.
 
- حتى في أمريكا اللاتينية، حيث كان يعتقد في التسعينيات بأن تحرير الأسواق له آثار ضارة للغاية، بدأ التفاوت في الانكماش، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى زيادة الإنفاق على التعليم وإعادة توزيع الثروة.


 
- ربما لم يكن هذا ما قصده الاشتراكيون، فالحكومة لا تملك أغلب وسائل الإنتاج والصناعة في البلدان المتقدمة، لكن لا ينكر أن التأمين الصحي ومساعدة الفقراء وغيرها من مفاهيم إعادة التوازيع قادتها أفكار وجهود الاشتراكيين.
 
- حتى مع السماح بأسواق حرة في الصين والهند، يظل العالم يتحرك نحو تعميق إعادة توزيع الثروة وهو نهج اشتراكي، وفي النهاية مع ازدياد ثراء البلدين لا شك سيكون للمواطنين الأقل دخلًا نصيب من الازدهار.
 
- لذا من الخطأ الاعتقاد في أن النيوليبرالية والاشتراكية توجهان متقابلان متحاربان، فالتجارب الحديثة تؤكد أن الأسواق الحرة وإعادة توزيع الثروة يمكن أن يتألفا لخلق مجتمع غني لا جوع فيه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدعاية, مفهومها,نشأتها, أهميتها ( علاء درويش )

v تعريف الدعاية : لما كانت الدعاية من الكلمات التي لم يتم الاتفاق على مفهومها حتى الآن ونظراً لما عانته من استخدامات معقدة في أنظمة مختلفة تسببت في تشويه الكلمة وتغيير دلالتها فإنه ينبغي علينا كباحثين أن نسعى إلى التوضيح ونبعد عن الغموض [1]   . فهنالك الكثير من التعاريف سوف نعرض بعضها فيما يلي : الدعاية في الاصطلاح : هي التأثير على سلوك الآخرين ومعتقداتهم بواسطة الاستخدام الانتقائي المدروس للرموز ونشرها سواء أكانت الرموز لفظية أم سمعية , أم بصرية أم إدراكية والتركيز على الكلمة المنحوتة أم المقروءة المسموعة أم مصورة أم مرئية [2] . كما تعرف الدعاية في دائرة المعارف الأمريكية بأنها جهود يتوفر فيها عامل التعمد والقصد في العرض والتأثير وهي جهود منظمة مقصودة للتأثير في الغير وفق خطة موضوعة مسبقاً لإقناعه بفكرة أو سلعة أو رأي بهدف تغيير سلوكه وتعمد إحداث تأثير على الآراء و الاتجاهات والمعتقدات على نطاق واسع عن طريق الرموز و الكلمات و الصور وإيماءاتها المختلفة , ولهذا التأثير المتعمد جانبان : جانب إيجابي يهدف إلى غرس بعض الآراء والاتجاهات , وجانب سلبي يعمل على إضعاف أو تغيير الآراء و

بحث عن ادارة النقدية ( محمود عبود )

المحتويات 1_ مقدمة 2_ مفهوم السيولة النقدية وأهميتها 3_ دوافع الإحتفاظ بالنقدية 4_ تبويب التدفقات النقدية 5_ أهداف إدارة النقدية 6_ التخطيط النقدي وإعداد بيان التدفق النقدي :         *ماهيته         *مبرراته          * فترته         * العلاقة بين بيان التدفق النقدي والموازنة التخطيطية (التقديرية)         * أساليب إعداد بيان التدفق النقدي ( الموازنة النقدية التقديرية):                _ أسلوب قائمة المقبوضات والمدفوعات                _ أسلوب تعديل قائمة الدخل 7_ إدارة الإستثمارات المؤقتة : ·        ماهيتها ·        أهم الأدوات المستخدمة فيها  ·        أسس المفاضلة بين الإستثمارات المؤقتة ·        حدود الإستثمار في النقدية والإستثمارات المؤقتة  8_ الأساليب الكمية في تحديد الحجم الأمثل للنقدية الواجب الإحتفاظ بها:                 _ أسلوب نموذج الكمية الإقتصادية للمحزون السلعي                 _ نموذج حدود الرقابة (ميلر وأور ) 9_ تقييم كفاءة إدارة النقدية   10_ الخلاصة 11_ المراجع 1 -مقدمة: تعتبر إدارة النقدية إحدى أهم

شرح مبسط لفترة الاسترداد مع مثال

2- فترة الاسترداد :  ويقصد بها الفترة الزمنية التي تسترد خلالها التكلفة المبدئية من المتحصلات النقدية ، وتقوم هذه الطريقة  على أنه كلما استردت قيمة الاستثمار في وقت أقصر كلما كان الاستثمار مقبولا أكثر .  ويعبر عن فترة الاسترداد بعدد السنوات ، ويتم احتساب فترة الاسترداد حسب الحالات التالية  :         أ- حالة تساوي التدفقات النقدية الداخلية :        فترة الاسترداد =     إجمالي الاستثمار المطلوب                               صافي التدفقات النقدية الداخلة سنويا وتحسب فترة الاسترداد ، كما يتضح من المعادلة السابقة ، بقسمة قيمة الاستثمار على صافي التدفقات النقدية الداخلة السنوية التي يدرها هذا الاستثمار ، فإذا كانت آلة جديدة ستحل محل آلة قديمة فيجب الأخذ في الاعتبار القيمة التخريدية للتخلص من الآلة القديمة وبحيث تخصم من تكلفة الآلة الجديدة ، بالإضافة لذلك فإن أي مبالغ استقطعت مقابل الاستهلاك عند حساب صافي الدخل للاستثمار يجب إعادتها مرة أخرى حتى يمكن الحصول على صافي التدفق النقدي الداخل السنوي ، باعتبار الاستهلاك قيد دفتري لا يترتب عليه أي تدفقات نقدية خارجة .  مثال 1 :  تح